السعدون الاشراف

7
هادي بن قرملة

نسب آل السعدون


آل سعدون من الأسر العريقة التي ترجع في نسبها إلى الأشراف الأعرجيين، وتحديدًا إلى آل مهنا، الذين حكموا المدينة المنورة لقرون طويلة. وقد برزت هذه الأسرة في جنوب العراق ضمن اتحاد قبائل المنتفق، وهو من أكبر الاتحادات القبلية في تاريخ العراق، ويضم قبائل وعشائر متعددة الأصول تمتد من شمال الجزيرة العربية إلى وسط العراق.

وقد تولت أسرة آل سعدون مشيخة اتحاد قبائل المنتفق في أواخر القرن الثامن عشر، بعد وفاة الأمير ثويني الشبيبي في عام 1797م، لتنتقل الزعامة فعليًا إليهم. ومنذ ذلك الحين، أصبحت إمارة المنتفق تحت حكم آل سعدون، واستمر حكمهم حتى سقوط الإمارة في عام 1918م عقب الحرب العالمية الأولى.

وبرزت أسرة آل سعدون بوصفها أسرة المشيخة الفعلية لاتحاد قبائل المنتفق، وهي الأسرة التي قادت هذا الاتحاد الضخم خلال واحدة من أهم المراحل السياسية والعسكرية في تاريخ العراق. وقد لعبت دورًا محوريًا في مقاومة الاحتلال العثماني ومن بعده البريطاني، كما أسست كيانًا سياسيًا واسع النفوذ تمثل في مملكة المنتفق

ديار آل السعدون


ديار آل سعدون تعود في أصلها إلى المدينة المنورة. وهاجرت هذه الأسرة من الحجاز إلى جنوب العراق في وقت كانت فيه منطقة المنتفق تكتسب أهمية استراتيجية وقبلية كبيرة. استقر آل سعدون في أرض المنتفق، وهي المنطقة الواقعة بين البصرة والناصرية، وامتدت ديارهم على ضفاف الفرات وما حوله من الأراضي الخصبة التي أصبحت نواة لحكمهم ومركزًا لنفوذهم.

هناك، أسسوا كيانهم السياسي، وتدرج نفوذهم من الزعامة القبلية إلى الحكم الفعلي لإمارة المنتفق، التي ضمّت أكبر اتحاد قبلي في العراق. صارت الديار التي سكنوها مقرًا للحكم ومركزًا للثقل الاجتماعي والسياسي لعشائر المنتفق. ومع توسع سلطتهم، أصبحت ديار آل سعدون تمتد من جنوب العراق حتى تخوم الجزيرة العربية، وتوثقت علاقاتهم مع قبائل المنطقة عبر التحالفات والمصاهرة والقيادة.

رغم سقوط إمارة المنتفق في عام 1918 مع نهاية الحكم العثماني وبداية الاحتلال البريطاني، بقيت ديار آل سعدون حاضرة كمركز اعتبار وزعامة، ولا تزال مناطق نفوذهم في جنوب العراق شاهدة على قرون من القيادة والتاريخ.

من التاريخ


أسس الشريف شبيب اتحاد قبائل المنتفق بعد هجرته من الحجاز إلى العراق، وجمع تحت رايته قبائل بني مالك والأجود وبني سعيد. تولى أبناؤه وأحفاده مشيخة الاتحاد، ومنهم الأمير سعدون بن محمد الذي قُتل في معركة مع الدولة العثمانية عام 1742م. استمرت الإمارة في ذريته التي تعرف بآل سعدون بعد ما كان الحكم تحت راية آل شبيب، وكان لهم دور بارز في تاريخ العراق والمنطقة.

إمارة المنتفق


المنتفق: اسم قبيلة مشهورة، تُنسب إلى المنتفق بن عامر بن عقيل بن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن بن سليم بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان.

أما تاريخ المنتفق، فتبقى تفاصيله غامضة، وما نعلمه في الوقت الحاضر عن مشايخهم وحكامهم هو أنه في سنة ٣٧٨ هـ / ٩٨٨ م، وعندما هجمت القرامطة على البصرة، كان رئيس المنتفق وشيخهم هو الرجل البطل المسمى (الشيخ أصغر). فلما بلغه الخبر، جمع جموعه وسار نحو القرامطة ليضعف شوكتهم، فلم يدركهم إلا قرب الأحساء، حيث دارت بينهم معركة عنيفة أسفرت عن انكسار القرامطة وفرار قائدهم وتمزّق جموعهم. فغنم منهم (أصغر) مغانم كثيرة، ثم سار في إثرهم نحو الأحساء، فتحصّنوا فيها، فلم يتمكن من محاربتهم، فعدل إلى القطيف وسلب ما فيها من أموال القرامطة وعبيدهم ومواشيهم، ثم عاد إلى البصرة حاملاً لواء النصر. وظل الشيخ أصغر رئيساً للمنتفق حتى توفي عام ٤١٠ هـ / ١٠١٩ م، ثم أصبحت الرياسة تنتقل من شيخ إلى آخر.

إمارة واتحاد قبائل المنتفق تُعدّ أكبر اتحاد للقبائل والعشائر مختلفة الأصول شهده العراق والصحراء الممتدة في شمال الجزيرة العربية تاريخياً، وقد خضعت لمشيخة شيخ مشايخ فعلي من أسرة واحدة هي أسرة آل الشبيب والتي انتقلت بعد ذلك الى آل سعدون. كان هذا الاتحاد يضم معظم قبائل وعشائر جنوب ووسط العراق، وقد تأسست الإمارة عام ١٥٣٠ م الى عام ١٩١٨ م. وقد سقطت خلال الحرب العالمية الأولى على يد بريطانيا العظمى، بعد أربع سنوات من القتال، بقيادة الأمير البطل عجمي السعدون والشيخ عبد الله الفالح السعدون.

أسّس حكام هذه الدولة العديد من المدن في العراق، كما انتزعوا عدة مدن من الدولة العثمانية، مثل مدينة البصرة في عهد الأمير مانع بن شبيب عام ١٦٩٤م، ثم في عهد الأمير مغامس بن مانع عام ١٧٠٥م، وكذلك في عهد الأمير ثويني بن عبد الله الشبيبي عام ١٧٨٧م، حيث أسر مُتسلّمها إبراهيم أفندي وطرد العساكر العثمانيين منها. وبعد وفاة الأمير ثويني، آلت إمارة المنتفق إلى الأمير حمود بن ثامر آل سعدون.

علم مملكة المنتفق


علم مملكة المنتفق، الذي اعتمد خلال فترة حكم أسرة آل شبيب والتي انتقلت الى السعدون، يتميز بتصميم بسيط وذو دلالات رمزية عميقة.

يتكون العلم من خلفية حمراء يتوسطها هلال وثلاثة نجوم بيضاء. يرمز الهلال إلى آل شبيب، الاسم السابق لأسرة السعدون من ذرية الأمير سعدون بن محمد، الذين تولوا زعامة اتحاد قبائل المنتفق. أما النجوم الثلاثة، فتمثل القبائل الرئيسية الثلاث التي شكلت نواة الاتحاد: بني مالك، والأجود، وبني سعيد. مع مرور الوقت، تطور هذا الاتحاد إلى ثلاث تجمعات قبلية كبيرة تُعرف بـ”الأثلاث”، وكل ثلث منها يضم العديد من القبائل والعشائر المختلفة. 

في بداية حكم آل شبيب، كانت راية قبيلة بني مالك تُستخدم كرمز للاتحاد. ومع توسع الاتحاد وازدياد عدد القبائل المنضمة إليه، تم تصميم علم خاص بمملكة المنتفق ليعبر عن وحدة القبائل تحت زعامة آل شبيب.  

آل السعدون الأشراف في المصادر التاريخية


 

IMG 0657
صورة التقطت قبل الحرب العالمية الأولى ، الجالسون من اليمين : الشيخ سعود السبهان ، حاكم مملكة المنتفق: الأمير الشريف عجمي بن سعدون السعدون ، حاكم دولة آل رشيد: الأمير سعود بن عبدالعزيز الرشيد ، الوالي العثماني لمدينة البصرة: سليمان شفيق ، الشيخ ناصر السبهان ، حمد العران.
IMG 0654
في بداية ترؤس آل شبيب على المنتفق كانت راية (بني مالك) هي المستعملة لكن فيما بعد جرى تطريز علم خاص بالمنتفق عموما وهو المعروف بـ (وارد), وهذه الراية عبارة عن قاعدة حمراء طولها (3 * 2 متر) يتوسطها هلال وثلاثة أنجم، فالهلال يرمز لآل شبيب والأنجم الثلاثة يرمز للقبائل الثلاث الرئيسية في المنتفق (بني مالك، والأجود, وبني سعيد) والتي تحولت فيما بعد إلى ثلاث تجمعات ضخمة تسمى الأثلاث وكل ثلث يضم الكثير من القبائل والعشائر مختلفة الأصول والتي انتقلت من راية آل شبيب الى آل سعدون

 

IMG 0655
خريطة توضح إمتداد قلاع مملكة المنتفق وبادية مملكة المنتفق وبعض المناطق في مملكة المنتفق.
IMG 0658
شجرة أسرة السعدون – أمراء المنتفق – كتاب أربعة قرون من تاريخ العراق الحديث ، صفحة : 420 ، الملحق الثاني ، المؤرخ الأنجليزي ستيفن هيمسلي لونكريك ، المفتش الأداري بالعراق مابعد الحرب العالمية الأولى.

ذكرت العديد من المصادر التاريخية نسب ومكانة آل السعدون، ومن أبرزها:


  • المؤرخ عباس العزاوي في كتابه “عشائر العراق”
  • كتاب تاريخ ابن عيسى ، المقتطع من خزانة التواريخ النجدية ، العالم والمؤرخ والنسابة النجدي إبراهيم بن صالح بن عيسى.
  • كتاب ولاية البصرة في ماضيها وحاضرها ، الكسندر أداموف ، القنصل الروسي في البصرة في نهاية القرن التاسع عشر.
  • كتاب مطالع السعود بطيب أخبار الوالي داود , القسم المقتطع من خزانة التواريخ النجدية ، مختصر الشيخ أمين الحلواني , المؤرخ العثماني الشيخ عثمان بن سند الوائلي البصري.
  • كتاب ذكرى السعدون ، المؤرخ الشيخ علي الشرقي.
  • كتاب التحفة النبهانية في تاريخ الجزيرة العربية ، العالم الشيخ محمد بن العلامة الشيخ خليفة بن حمد بن موسى النبهاني الطائي