إبراهيم عليه السلام:–
هو من ذرية سام بن نوح أرسله الله إلى قومه ليدعوهم إلى عبادة الله فجادلهم وناقش ملكهم (النمرود) الجبار المتغطرس الذي كان يدعي الألوهية. قال تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ} [البقرة: ٢٥٨]. حطم إبراهيم أصنام قومه في غيابهم، وجعل الفأس في رأس كبيرهم ليبين لهم عجزها وبطلانها {فَجَعَلَهُمْ جُذَاذًا إِلَّا كَبِيرًا لَهُمْ لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ} [الأنبياء: ٥٨].
تبين للقوم عجزها ومع ذلك استمرو في غيهم وضلالهم، وقرروا حرقه، قال تعالى: {قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانْصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ (٦٨) قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ} [الأنبياء: ٦٨، ٦٩]. بعد كل هذا الجهد لم يؤمن به إلا زوجه سارة ولوط ابن أخيه، فهاجر بهم إلى بلاد الشام.
كان إبراهيم قد قدم من العراق إلى الشام (سكن في بلدة الخليل شرق بيت المقدس، وجاءت سنوات عجاف فارتحل مع زوجه إلى مصر، ورآها حاكم مصر فأرادها لنفسه، فطلب منها زوجها أن تقول عنه أنه أخوها (وهو فعلاً أخوها في الله) خوفاً من أن يقتله الحاكم، ففعلت، ثم إن الله حماها من هذا الملك فكان كلما أراد لمسها شلت يده، فعلم حقيقة أمرها وتركها وقدم لها أمة تدعى (هاجر) وأمرهم بالخروج من مصر.
عاد إلى الخليل بالشام واستقر هناك، وأعطته سارة جاريتها هاجر، وقالت: عسى الله أن يرزقنا منها غلاماً.
ففعل، وحملت هاجر ووضعت ولدها إسماعيل. فغارت سارة وطلبت منه أن يغيب عنها هاجر وولدها. فسار بهما بإذن الله جنوباً حتى وصل إلى موضع مكة المكرمة، فتركهما هناك، ودعا قائلاً: {رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ} [إبراهيم: ٣٧].
عاد إبراهيم إلى الشام وفي مكة عندما نفد الماء عند هاجر أخذت تبحث عنه، فسعت بين الصفا والمروة سبعاً وهي تفتش، حتى دلت على مكان زمزم، فضربه إسماعيل بقدمه، وهو يبكي من شدة العطش فانبجس منه الماء بإذن الله، فاستقر مقامهم. وهاجرت قبيلة جرهم من اليمن ومرت بمكة فسمحت لهم هاجر أن يقيموا معهم، ونشأ إسماعيل بينهم. وسنورد قصة إسماعيل في موضوع جزيرة العرب.
المصادر
كتاب موجز التاريخ الإسلامي من عهد آدم إلى عصرنا الحاضر – للباحث أحمد معمور العسيري